كل ما تحتاج معرفته عن التضخم

هل لاحظت أنك تنفق المزيد من المال لشراء مستلزماتك مؤخرا ؟ أو لربما لاحظت أنك لم تعد قادرا على تحمل نفقات بعض الأشياء التي كنت تستطيع شراءها من قبل ؟ ان سبب زيادة الأسعار التي نلاحظها في الوقت الراهن هو ارتفاع معدلات التضخم فماذا يعني التضخم ؟ مفهوم التضخم هو مفهوم يُستخدم للإشارة إلى  الارتفاع …

هل لاحظت أنك تنفق المزيد من المال لشراء مستلزماتك مؤخرا ؟ أو لربما لاحظت أنك لم تعد قادرا على تحمل نفقات بعض الأشياء التي كنت تستطيع شراءها من قبل ؟

ان سبب زيادة الأسعار التي نلاحظها في الوقت الراهن هو ارتفاع معدلات التضخم فماذا يعني التضخم ؟

مفهوم التضخم

هو مفهوم يُستخدم للإشارة إلى  الارتفاع في مستوى الأسعار والخدمات مع حدوث انخفاض في القدرة الشرائيّة المرتبطة بسعر صرف العملة وهو لا يقتصر على ارتفاع محدد لسلعة او خدمة ما بل انه يشمل عدة قطاعات اقتصادية مثل قطاع التجزئة ، قطاع الخدمات الفندقية ، قطاع النقل ، قطاع العقارات وغيرها والتي تتأثر بارتفاع أسعار السلع والخدمات،

تاريخ التضخم

يعود استخدام مفهوم التضخم لأول مرة إلى الاقتصاديّات الأوروبيّة وتحديداً في تاريخ أوروبا الحديث فاستُخدم كمقياس لأسعار الاستهلاك في فترة الثورة الصناعيّة فكان التضخّم وسيلة لتحديد متوسط الأسعار موزّعة على المواد التموينيّة، وانتشر مصطلح التضخم بشكل ملحوظ في القطاعات الاقتصاديّة في إسبانيا، وإنجلترا، وبروكسل إذ كان مؤشر سعر الصرف للعملات في هذه المناطق مساوياً للقوة الشرائيّة قبل أن يُظهر ارتفاعاً ملحوظاً مما أدّى إلى عدم التوازن بين المؤشرات الاقتصاديّة وأُطلق على هذا الأمر اسم التضخّم

هل التضخم دائما شيء سلبي؟

هذا يعتمد على الظروف فالزيادات السريعة في الأسعار تؤدي إلى حدوث مشكلة و لكن المكاسب المعتدلة في الأسعار يمكن أن تؤدي إلى زيادة الأجور ونمو الوظائف و التضخم ليس دائما شيء سلبي بل يعتبر الارتفاع في معدلات التضخم بنسب صغيرة أمرا طبيعياً في الاقتصاد و ذلك لأنه يحافظ على معدلات الأسعار في حدودها المطلوبة كما أنه يحفز الطلب والإنتاج وبالمقابل إن معدلات التضخم المرتفعة جداً تؤثر بشكل سلبي على كل من المستهلكين والمنتجين ففي جانب المستهلكين يحصل على منتجات استهلاكية أقل عما كانت عليه قبل الارتفاع أما في جانب المنتجين فالتأثير يحدث نتيجة لارتفاع مدخلات الإنتاج والسلع المرتبطة بعملية الإنتاج أي زيادة التكاليف الخاصة بالإنتاج فضلا عن تأثر عمليات التمويل بسبب ارتفاع معدلات الفائدة مما يرفع من الأسعار

كيف يقاس التضخم؟

يراقب الاقتصاديون وصانعو السياسة عن كثب مقياسين أساسيين للتضخم هما مؤشر أسعار المستهلكين CPI و مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي.

مؤشر أسعار المستهلكين هو لتتبع معدل التضخم وتكلفة المعيشة في بلد ما وهو يتألف من سلة ثابتة من السلع والخدمات ويحسب سعر السلة كمتوسط مرجح لأسعار التجزئة للعناصر المكونة و يتم إصدار المؤشر على أساس شهري

ويتتبع مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي التكلفة الفعلية للأشياء على سبيل المثال، تحسب تكلفة إجراءات الرعاية الصحية حتى عندما تساعد الحكومة والتأمين في دفعها و ايضا يصدر بشكل شهري ويميل هذا المؤشر إلى أن يكون أقل تقلباً وهو المؤشر الذي ينظر إليه الاحتياطي الفدرالي الأميركي عندما يحاول تحقيق تضخم بنسبة 2% في المتوسط بمرور الوقت

أنواع التضخم

يُقسم التضخّم إلى مجموعة من الأنواع، والتي تؤثر في قطاعات الاقتصاد المختلفة، وهي:

  • التضخم الأصيل : هو التضخّم الذي يُعرف أيضاً باسم التضخّم العادي؛ وينتج بسبب زيادة عدد السكان، ممّا يؤدّي إلى ارتفاع حاجاتهم الاستهلاكيّة؛ لذلك تصدر الحكومات كميّة كبيرة من العملات، ويؤدّي ذلك إلى ارتفاع أسعار المنتجات الاستهلاكيّة في السوق.
  • التضخم على الطلب : هو التضخّم الذي يؤدّي إلى ارتفاع الأسعار بسبب الطلب الزائد على السلع والخدمات والذي يظهر بوضوح من خلال مقارنة الفرق في الأسعار بين المنتجات المصنوعة محليّاً، والمستوردة من الدول الأخرى، وقد يظهر هذا التضخم بشكل مؤقّت، أو يستمرّ لفترة زمنيّة طويلة، ويشمل عادة السلع الغذائيّة الأساسيّة، والرحلات السياحيّة في موسم العطلات.
  • التضخم المتسلّل : هو التضخّم الذي يبدأ بطريقة تدريجيّة؛ إذ تنخفض معدلات الإنتاج، مما يؤدّي إلى قلة توافر السلع والخدمات؛ وينتج عن ذلك ارتفاع تدريجيّ في أسعارها؛ بسبب زيادة شراء السلع بهدف تخزينها، مما يؤدّي إلى توقف نمو الإنتاج.
  • التضخم المفرط : هو التضخّم الذي يحدث عند الانتقال من قطاع اقتصادي حالي، إلى قطاع اقتصادي جديد، وقد يحدث أحياناً نتيجة للحروب؛ لذلك يُعتبر من أصعب أنواع التضخّم، وأكثرها سلبيّة على المجتمعات.
  • التضخم المكبوت : هو التضخّم الذي يظهر بعد حرص الحكومة على زيادة ضخ النقود؛ بسبب النفقات العامة والتي تؤدّي لاحقاً إلى زيادة في أسعار الخدمات، والمنتجات في الأسواق؛ لذلك تتدخل الحكومة من أجل تحديد الحدّ الأعلى للأسعار، مما يساهم في ضبط التعامل مع عمليات البيع والشراء.
  • التضخم المستورد : هو التضخّم الذي ينتج عن تأثير ارتفاع أسعار السلع التي يتمُّ استيرادها، والتي تؤدّي لاحقاً إلى رفع أسعار السلع المحليّة.
  • التضخم الركودي : هو التضخّم الذي يحدث أثناء فترة الركود على الطلب، والذي يؤدي إلى انخفاض أو توقف الإنتاج، مما يعكس نتائج سلبيّة على مجموعة من المؤشرات الاقتصاديّة، مثل: ارتفاع نسبة البطالة، وزيادة معدل الاحتكار للسلع.

ما هو التضخم الجامح ؟

التضخم المفرط أو الجامح يشير إلى خروج الأوضاع عن السيطرة.

ويستخدم مصطلح التضخم المفرط للإشارة إلى معدل تضخم مرتفع ومتسارع يؤدي إلى تقليص القيمة الحقيقية للعملة المحلية.

حدث ذلك في الكثير من البلدان مثل تركيا و لبنان وفنزويلا وزيمبابوي و سوريا .

وتصبح الأمور أكثر تعقيدا عندما لا تستطيع الأجور مواكبة ارتفاع معدل التضخم مما يؤدي إلى انخفاض في القدرة الشرائية ما يجعل من الصعب الاحتفاظ بنفس مستويات المعيشة الأساسية.

هل هناك وسيلة للسيطرة على التضخم؟

 النظريات والمدارس الاقتصادية متعددة ومتباينة لعلاج التضخم فعند حدوث أي أزمة اقتصادية توجد عدة حلول وفق فلسفة تلك المدارس التي تتباين مع بعضها البعض.

حتى الآن وعبر التاريخ الاقتصادي العالمي لم يُعالج التضخم إلا بطريقتين فقط وهما:

•  إما زيادة المعروض من النقود وتقليل أسعار الفائدة وهذا ما تتبناه المدرسة الكينزية ونجح ذلك خلال أزمة الكساد الكبير والتي ساعد في هذا العلاج عدة جوانب أخرى منها التوظيف الكامل ، التأسيس لنظام اقتصادي عالمي ، إنشاء البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وتقويم العملات الأجنبية بالدولار.

•  أما الطريقة الثانية فهي ما أفضت إليه فلسفة بول فولكر Paul Volcker الرئيس السابق لمجلس الاحتياطي الفيدرالي بعلاج تضخم السبعينيات عن طريق تقويض المعروض من النقود وزيادة أسعار الفائدة.